لم تكن مباراة الأهلي وبتروجيت في دور الستة عشر لبطولة كأس مصر تحمل فقط نتيجتها التي آلت إليها وهي تأهل الأهلي إلي دور الثمانية للبطولة، ولكنها حملت شيئا أكثر أهمية من وجهة نظري ألا وهو رسالة الاعتراض المحترمة التي وجهتها جماهير النادي الأهلي بكافة أنواعها إلي إدارة ناديها بسبب أزمة تذاكر مباراة برشلونة.
فبعد أن كانت الجماهير الحمراء هي أول من ابتكر فكرة روابط التشجيع منذ عام 2001 بدءا من رابطة محبي الأهلي، مرورا بجمعية مشجعي الأهلي التي ابتكرت وابتدعت مظاهر التشجيع الحضارية في ملاعب كرة القدم المصرية ومن ثم انتقلت الظاهرة إلي باقي الأندية، هاهو جمهور الأهلي بكامل طوائفه يقدم لنا درسا جديدا في كيفية الاعتراض بصورة محترمة ومهذبة إلي أقصي درجة علي ادارته. وأؤكد لكم انه بكامل طوائفه أي أن هذه اليفط لم تكن خاصة بأي رابطة علي وجه الخصوص ولكن اشترك فيها أعضاء من هذه المجموعة و بعض من هذه المجموعة بالإضافة إلي أناس عاديون يحبون ناديهم.
كلنا تابعنا مشكلة تذاكر مباراة برشلونة الأخيرة والتي انتهت بعدم حضور "جمهور كرة القدم الحقيقي" للمباراة التاريخية، لتترك الكراسي لجمهور "دخيل" علي الكرة لا يعرف شيء فيها سوي إنها "مدورة". وهو الأمر الذي ترك مشاعر الحزن والآسي تدخل إلي نفوس الجماهير الحقيقة التي كانت تمني نفسها بالاحتفال بفريقها في هذا الكرنفال العالمي.
وعلي الرغم من تلك المشاعر الحزينة والغاضبة إلي حد ما، إلا أن الجماهير قدمت لنا صورة غاية في الروعة خلال مباراة بتروجيت الأخيرة في كأس مصر عندما حولت اعتراضها إلي لافتات مرفوعة كتبت عليها ما بداخل نفوس هؤلاء العاشقين لناديهم. وتأتي قمة الاحترام في هذه اللافتات انه تم رفعها وسط تشجيع جنوني من الجماهير لفريقهم خلال المباراة ذاتها والتي كان ليس هناك بديل لفريقهم سوي الفوز إذا أراد استكمال المشوار في البطولة التي يحمل لقبها.
فالجماهير لم ينسيها الاعتراض عن مساندة فريقها في مباراته الهامة، بل أن الاعتراض نفسه حمل كلمات رقيقة ومهذبة إلي أقصي درجة وان شعرنا ببعض القسوة في بعض كلماته إلا إني اعتبره رد فعل للموقف الأكثر قسوة الذي اتخذته الإدارة في مباراة برشلونة. ولكن يظل موف جماهير الأهلي في قمة الروعة، فهي لم تذهب إلي "سب وشتم" إدارة ناديها كما هو المعتاد في الملاعب المصرية عند الغضب ولكنها قدمت صورة حضارية لما يمكن أن يكون عليه المشجع الذي يحب ناديه ويسعي إلي خدمته في كل الأوقات.
فهنيئا للنادي الأهلي بجمهور وهنيئا للرياضة المصرية بجمهور استطاع بالفعل وبالعمل ان يغير الكثير في مفاهيم الكرة المصرية وأسلوبها.