لا تعذل المشتاق في أشواقه ***** حتى تكون حشاك في أحشاءه
بعثرة الحروف في بعض الأحيان فن ، ففي الأدب عندما تريد أن تكون مميزا أو متميزا فاجعل موضوعك متنوعا يأخذ من كل بحر قطرة دون أن تغرق في الربط ولكن ليكن الانتقال سهلا سلسا ...
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة ) ولهذا فإن الكلمة الطيبة تأسر القلوب وتأخذ بالألباب يقول المتنبي وهو في هذا المجال أحد الرواد العظام الذين قل أن يجود الوقت بمثلهم يقول ...
لا خيل عندك تهديها ولا مال ***** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
وأجمل منها في المعنى وليس في الصورة البلاغية ...
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ***** فلطالما استعبد الإنسان إحسان
وفي القرآن الكريم : ( ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ... ) فهل سمعتم أحسن من هذا الوصف أو أبلغ منه ...
والمعنى مطلوب شرعا ومن أبلغ الدلائل عليه قول الله عز وجل لموسى وهارون عندما أرسلهما إلى فرعون : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى )
فانظر إلى المعنى في قوله( قولا لينا ) رغم أن المخاطب فرعون الطاغية الذي قال أنا ربكم الأعلى وقال ما علمت لكم من إله غيري وقال يا هامان اجعل لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا ...
هنا يتضح جليا قدر الكلمة وتأثيرها فالكلمة الطيبة اللينة لها تأثير السحر على المخاطب ولهذا فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم ملك الناس بأخلاقه فقد كان البعض يأتيه وما على وجه الأرض أبغض إليه منه صلى الله وعليه وسلم ثم يرحل من عنده وما على وجه الأرض أحب إليه من محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها وعن أبيها كان خلقه القرآن ولعل أعظم تزكية له صلى الله عليه وسلم قول الحق جل وعلا : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وقوله جل في علاه مخاطبا عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم : ( ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك )
هذه مجرد مشاعر بثثتها في هذا المتصفح عندما علمت أن هذا القسم يختص بعزف الحروف وتذكرت حديثا طالما وقفت معه كثيرا ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الخير ما يعلم مبلغها يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من الشر ما يعلم مبلغها يكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه )
الثلاثاء يونيو 12, 2007 5:10 pm
